النشاطات

سماحة السيد الصافي يُثني على الجهود العلميّة للباحثين المشاركين في فعّاليات أسبوع الإمامة الدوليّ

سماحة السيد الصافي يُثني على الجهود العلميّة للباحثين المشاركين في فعّاليات أسبوع الإمامة الدوليّ

موقع قسم الشؤون الفكرية والثقافية

2025-06-16

أثنى المتولّي الشرعيّ للعتبة العبّاسية المقدّسة سماحة السيد أحمد الصافي، على الجهود العلميّة للباحثين المشاركين في فعّاليات أسبوع الإمامة الدوليّ.

جاء ذلك في مداخلته على الجلسة البحثيّة الثالثة لأسبوع الإمامة الدوليّ الثالث، الذي تُقيمه العتبة العبّاسية المقدّسة تحت شعار (النبوَّة والإمامة صِنوان لا يفترقان)، وبعنوان (وصايا الأئمّة رُشدٌ وتقوى)، تزامنًا مع عيد الغدير الأغرّ، بمشاركةٍ واسعةٍ من الدول العربية والإسلامية والأجنبية.

- في مداخلة سماحته على بحث السيد رياض عبد الأمير محسن الفاضلي، الذي جاء بعنوان: (المودّة والنصح الحقيقيّة، الآثار والمناشئ والتطبيقات، في كلمة الإمام علي الهادي (عليه السلام))، قال:

أحسنَ جميعُ الإخوة الأعزّاء الذين سمعنا كلامهم وبحوثهم وانتفعنا منها، أنا عندي ملاحظة على جميع الإخوة، ما بين تعضيدٍ ومداخلة، بالنسبة إلى جناب السيد رياض الفاضلي (سلّمه الله)، ذكر شيئاً وهو أن هذا الحديث الشريف من الموارد الاجتماعيّة (المغفول عنها) وهو صحيح، يعني كما نستفيد من الأئمّة(عليهم السلام) في الجانب الفقهي، فإنّنا نحتاج أن نطبّق ما يقولونه على الصعيد الاجتماعيّ، كذلك أحاديث بقيّة الأئمّة الأطهار(سلام الله عليهم)، ولو جمعنا ما خرج من أفواههم المقدّسة في الأمور الاجتماعية، لعلّه أكثر ممّا ورد في الجانب الفقهيّ، لكن أحببت أن أبيّن نكتة، طبعاً اللجوء إلى المعاجم اللغويّة في المفردات التي وقعت على لسان الأئمّة (عليهم السلام)، هذا أمرٌ مقبول في الجملة، يعني إذا لم نجد له معنى عرفياً، يُمكن أن نحصل عليه في المعاجم، لكن المعاجم اللغوية فيها مشكلة، وهي أنها تتطرّق إلى موارد الاستعمال، لا موارد الوضع، ولذلك الودّ يختلف عن الحبّ، يعني في هذه النكتة الفارقة لا يُمكن أن نجعل الودّ مرادفاً للحبّ.

أنا شخصيًّا لم أجد ترادفاً في اللغة العربية أصلاً، نعم الترادف ممكن نظريّاً وعقليّاً، لكنّه غير واقعيّ عمليّاً، الودّ يختلف، فالله تعالى عندما يبيّن في بعض الآيات، (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا)، لم يقل سيجعل لهم الرحمن حُبّاً، فالودّ حالةٌ من الحبّ، أخصّ من الحب.

ثانيًا الانتقال من هذا الحديث الشريف إلى مسألة النصيحة، تحتاج منّا أن نطوي مراحل ومقدّمات، فلو بقينا في هذا الحديث الشريف، وبيّنّا مراده فقط، باعتبار أن الإمام (عليه السلام) ركّز على قضيّتين، لكان أفضل في المقام.

الودّ واضح في كونه يخصّ الجانب العاطفيّ، والرأي هو في الجانب العقليّ، الإمام (عليه السلام) في ظاهر الحديث الشريف، يقول الذي يجمع لك هذا الودّ ويجمع لك الرأي، جمع بين جانبٍ عاطفيّ وعقليّ، فهو يودّك، لكونها حالة أخصّ من الحبّ، وأيضاً جمع لك رأيه، في نصيحة أمير المؤمنين(عليه السلام) لبعضهم، يقول بما مضمونها نخلت لك رأيي، يعني اهتممت بأن أعطيك رأيًا يُنجيك، أو مثلاً يخلّصك من المشكلة، أو مثلما تفضّلت في مقام الاستنصاح، لكن نبقى في الودّ ونبقى بالرأي، ونخرج منهما بنتيجةٍ تنطبق عليها نصيحة الناصح، المستشير، كما تفضّلتم، لكن نحتاج إلى مقدّمات نطويها حتّى يتّضح لنا الأمر، فما دُمت –سيدنا- ذكرت الحديث الشريف، فإن الأسماع مشدودة إلى معرفة ما يخرج من الإمام (عليه السلام) في هذه الرسالة.

- وفي مداخلةٍ على بحث الشيخ محسن مظاهر شعبان الذي جاء بعنوان: (التحليل السندي والمتني للإمام الجواد -عليه السلام- إلى والي سجستان) قال:

بالنسبة إلى جناب الشيخ محسن مظاهر (جزاه الله الخير)، لكن الإخوة سألوا عن السند، وليس مناسباً أن نقول لم نتطرّق له، لأنّ الوضع غير مناسب، بالعكس القاعة مملوءة بطلبة العلم ومن حقّهم أن يروا سند هذه الرواية، وكيف تخلّصت من الإرسال، تارةً تقول أنا رأيي ينطبق مع آراء من قالوا إنّه ما دامت الرواية في الكافي فلا تحتاج إلى مناقشةٍ سنديّة، وعندها اتّضح لنا رأيُك، أو أن تبقى القضية عائمة، وتواجهك مشكلة الإرسال، مَن هذا الرجل الذي رافق الإمام (عليه السلام)؟، فأمام التحليل الفنّي تبقى –جنابك- مطالَباً بالسند، فلا بُدّ أن يتّضح هذا، ثانياً -وهذه تخصّ طريقة الإلقاء-، فتحتاج إلى أسلوبٍ تشدّ الجالسين في القاعة أكثر، حتّى لو أنكم تقرأون في ورقةٍ بحثيّة، لكن أسلوب شدّ انتباه الجالسين مطلوب، ولو من خلال التحكّم بطبقات الصوت صعوداً ونزولاً كما فعل بعض الإخوة الأعزاء، فإن ذلك أَدعى لتوجّه الانتباه.

- وقال سماحته في مداخلته على الورقة البحثية (الميعاد المهدويّ بين الإعجاز والسنن) لسماحة الشيخ عمار البغدادي:

جناب الشيخ عمار (سلّمه الله)، نعم.. البحث فيه إثارة جيّدة، لكن كثيراً من الروايات لم تظهر لنا بالشكل المطلوب تبيانها فيه، مثلاً التعريج على قضيّة لا جبر ولا تفويض، نفى الجبر ونفى التفويض بوجود الـ(لا) التي هي نافية للجنس، لكن هذا غير كامل، باعتبار أنّ الرواية فيها استدراك بكلمة لكن، فيُمكن أن يقال لا جبر مطلقاً ولا تفويض مطلقاً، ليتمّ المعنى، أو لكن بعضه جبر وبعضه تفويض، كما في بقيّة الأمور التي تكون لا نافية، سواء كانت نافية للحقيقة، أو لصفة الكمال، لكن هذه التبيينات مهمّة حتى لا يبقى المبحث معلّقاً، مهمّ جداً في المبحث لو ذكرت لنا رواية أو أكثر وصببت البحث عليهما، خصوصاً عندما تقول الرواية للإمام الصادق (عليه السلام) حتى تكون للمبحث حجّة، هكذا كان في الرواية الشريفة، ولو بقينا مع هذه الرواية، وتناولنا ما نريد أن نبيّنه، باعتبار أنّ دولة العدل الإلهيّ في زمن الإمام المهديّ(سلام الله عليه) هي ليست لإقامة العدل فقط، وليست لتعديل ما مرّ على البشريّة، وإنّما لإظهار أسماء الله تعالى، ومظاهر أسماء الله تعالى، نعم.. هذا شيء مهمّ، فلو تتّبعنا ذلك في الرواية، وأظهرته لنا، أعتقد لكان أدعى للاستدلال.

- وفي مداخلة سماحة الصافي على بحث سماحة الشيخ مهند العقابي الذي جاء بعنوان: (علّة غيبة الإمام المهديّ -عجّل الله فرجه- والرجوع إلى العلماء في ضوء رواية إسحاق بن يعقوب - دراسة تحليلية) قال:

بالنسبة إلى جناب الشيخ مهند العقابي (سلّمه الله)، طبعاً في الوصايا ذكرت خيراً، على أنّه من جملتها هو انتظار الفرج، أنا فقط أحبّ أن أنوّه إلى قضيّتين، قضيّة تُسمّى بانتظار الفرج، وهذا الذي ذكرته هو انتظار الفرج، أي فرجكم، هذا صحيح، وهناك شيءٌ آخر وهو علامات الظهور.

واقعاً أنا أعتقد أن وظيفتنا الأساسية هي في انتظار الفرج، أمّا علامات الظهور فهذه في رأيي القاصر، يجب أن لا نستغرق فيها كثيراً، لأنّ تشابه بعض العلامات مع ما موجود، ومع ما مضى من سنين، ومع ما قد يأتي، قد تجعلنا نسقط العلامات على أحداث، ثم يتبيّن أنّ الأحداث ليست كما نتصوّر، لأنّ تطبيقنا للروايات على الأحداث خاطئ، لذا فقد نشتغل بأشياء علميّة ربّما تؤدّي نتائجها الخاطئة إلى إحباط المنتظرين، بينما مهمّتنا الأساسية انتظار الفرج بالعمل بتكليفاتنا، فانتظاره فيه عوامل تربويّة.

على الإنسان أن يربّي نفسه، إلى أن الله تعالى إن متّعنا بظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في هذا الزمان فبها أو نعمت، وإن لم يمتّعنا بذلك، فقد حقّقنا الهدف من خلقنا، فهو أصل وجود الإنسان بأن يتكامل، وهذا بنفسه هو أمرٌ مطلوب، النقطة الثانية ذكرتم كلمة (تمهيد)، دائماً تعبّرون عن أن هذا تمهيد، كما أن الإمام الجواد (عليه السلام)، مثلاً مهّد للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، أعتقد لغةً، أن التمهيد لا تنطبق هنا، التمهيد يكون غير مقصود بالذات، كما لو أردنا أن نثبت مطلبًا علميّاً ونقول، هذا يحتاج إلى أن نمهّد له مقدّمات، المقدّمة والتمهيد يكون غير مقصودٍ بالذات، وإنّما هو بمثابة المقدّمة، لكن نحن نمهّد، حتّى نستعين بهذا التمهيد ليوصلنا إلى ما نريده، أمّا أن نستعين بالإمام الجواد(عليه السلام) حتى نمهّد للإمام المهديّ(عجّل الله فرجه) فهنا علينا التأمّل، لأن ظرف الإمام الجواد ووضع الإمام الرضا(عليهما السلام)، هو بنفسه شاخص، بنفسه إمام مفترض الطاعة، بالاعتبارات المكانية والزمانية، نعم.. نستفيد من هذه الحالة لفهم أمور، مثلاً عندما ينكر أحدهم واحداً فينكر آخرين.

مثلاً أنّه كيف وُلِد عيسى من غير أب؟ مثلاً هذا السؤال جوابه يقتضي أن يكون أن آدم (عليه السلام) لم يخلق من أبٍ ولا أم، لكن ليس معناه أن آدم مهّدناه لنتكلّم عن النبي عيسى (عليه السلام)، النبي آدم (عليه السلام) له شأنيّةٌ في خلقه، وعيسى (عليه السلام) له شأنيّةٌ في خلقه.

- وفي المداخلة الأخيرة لسماحة السيد الصافي على بحث سماحة السيد علي محمد حسين الحكيم، الذي جاء بعنوان: (الأبعاد الأخلاقية في وصايا الإمام الجواد عليه السلام) قال:

بالنسبة للسيد علي الحكيم وقد غادر الآن (أوصله الله بالسلامة)، أيضاً تكلّم عن البرّ ثمّ انتقل إلى الإحسان، واقعاً هنا وقعنا في نفس المشكلة، لأنّ البرّ شيء والإحسان شيءٌ آخر، نعم.. في مقام الاستعمال قد نستعمل هذا بدلاً من هذا، لكن أحدهما ليس الآخر، فالبرّ أن تولّوا وجوهكم، لم يقل القرآن ليس الإحسان، عندما نأتي إلى التفسير نقول البرّ مع الإحسان، أعتقد أنّ هذا أمراً غير صحيح، فالنبيّ يوسف(عليه السلام) في السجن قالت الآية (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)، لم يقل إنّا نراك من البارّين، لأنّ أحدهما غير الآخر، ما دامت اللفظة وقعت في الآية، أو وقعت في الرواية، إذن نحتاج إلى مؤنةٍ كثيرة حتّى نبيّن الفارق.

لماذا اختار الله تعالى الإحسان في سورة يوسف مثلاً، ولماذا اختار البرّ في غيرها؟، وكذلك في أقوال الأئمّة (عليهم السلام) هناك اختيار للألفاظ، خصوصاً حين يكون النقل بالنصّ، بعكس ما لو كان النقل بالمعنى المسموح به في زمان الأئمّة (عليهم السلام)، ونحن لا نعلم إن نُقِل بالمَعنى أم بالنصّ.

أمامنا نصّ صدر عن الإمام (عليه السلام)، فما دام النقل بالنصّ، نحتاج إلى أن نقف عند المفردة طويلاً، حتّى نميّز هذه المفردة عن غيرها، يعني لا ننتقل دون تمحيص، نعم.. تارةً ننتقل من باب تقريب المعنى، ونستعين بألفاظٍ مقرّبة للمعنى، فلا بُدّ أن نحدّد هيكلية البحث.

واختتم حديثه: على كلّ حالٍ فإنّنا واقعًا استفدنا كثيراً، وأشكر الإخوة كثيراً على ما أبدوه من جهدٍ وبحوثٍ قيّمة، وإن شاء الله تعالى دائماً للمزيد، وأسأل الله تعالى أن يكتب ذلك في صحائف أعمالهم، ونحن شارفنا على الانتهاء من البحوث.

أنا لا أريد أن أستبق الأمور، لكنّنا نعتذر عن كلّ تقصير مع الإخوة في كلّ ما يتعلّق بهذا المؤتمر، وأيضاً نعتذر لاختزال الأوقات، نتيجة الظرف الذي تمرّ به المنطقة، نسأل الله تعالى العافية للجميع والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمدٍ وعلى آله الطيّبين.